July 13, 2011

وعصام شرف


جاء خطاب شرف الأول ضعيف وغير معبر عن طلبات الثورة بل وجاء فى صورة خطاب قصير إستمر بضعة دقائق سرد فيها مجموعة قرارات تغطى الجزء الأصغر من طموحات الثورة. وبالرغم من إستجابته لبضع القرارات إلا أن إقتضاب الخطاب فى حد ذاته أثار حفيظة الكثيرين حيث خلا من أية تفسيرات للموقف ولم يتطرق إلى كيفية وصوله إلى هذه القرارات ولا علاقتها بطلبات الثوار. ولولا أن رأيت الخطاب بنفسى لظننت أن "الراجل اللى ورا عمر سليمان" كان واقفاً خلف شرف حين ألقاه . ثم تلاه بخطابه الثانى الذى شابه الأول فى الإقتضاب والذى أشار فيه رئيس الوزراء إلى مجموعة من التعديلات الوزارية وحركة تنقلات للمحافظين فى خلال إطار زمنى واضح مع التأكيد على حركة التطهير بوزارة الداخلية. أثار الخطاب الثانى موجة من الغضب أشد من الخطاب الأول نظراً لخلوه من أية قرارات واضحة وفاصلة بالإضافة إلى نفس الغموض الذى أحاط بظروف الخطاب الأول. على أثر هذان الخطابان بدأت قاعدة كبيرة من الثوار فى المطالبة بإقالة شرف. كما قررت مجموعة كبيرة من الحركات المدنية والسياسية بالإتفاق على مقاطعة المفاوضات مع شرف لإقتناعهم أن طلبات الثورة غير قابلة للمفاوضة من ناحية وأن شرف فقد الشرعية التى إكتسبها من الميدان من ناحية آخرى. وبالرغم من إتفاقى مع المعترضين على أداء حكومة شرف إلا أننى أرى الموقف من منظورُ آخر.


أولاً: المشكلة ليست فى شرف كشخص ولكن فى الصلاحيات الممنوحة له من قبل المجلس العسكرى. إقالة شرف أو إستقالته لن تغير من هذه الصلاحيات إن لم يتم المطالبة بها صراحةً. بل بالعكس إن خروج شرف من الوزارة سوف يعيدنا خطوات إلى الوراء، فرئيس وزراء جديد سوف يفرض فترة لن تقل عن بضعة أسابيع لفهم الملفات المفتوحة وإيجاد الحلول المناسبة والتى لن ترقى إلى مستوى طلبات الثورة فى ظل تحديد الصلاحيات.

ثانياً: طالب البعض من شرف الإستقالة والعودة إلى ميدان التحرير. أرى أن موقف شرف ليس موقف ضعف ولا خيانة للثورة ولكنه موقف قوة. أرى أنه يحاول الوصول إلى حلول مناسبة عن طريق الحوار مع المجلس العسكرى وإنه يتلقى الضربات والإنتقادات بصدر مفتوح ومازال متمسك بالإستمرار فى المحاولة ولا شك لدى أنه يفضل ألف مرة الخروج من هذه الوزارة فى هذا الوقت الصعب عن البقاء على هذا الحال. ولكن خروجه اليوم من الوزارة سوف يصعد المواجهة ما بين الثوار والمجلس العسكرى وهى خطوة أتخيل أنه لا يريد أن يتخذها إلا عند إقتناعه بأن مساعيه قد فشلت وأنه لم يبقى حل إلا العودة إلى الميدان. قد نختلف معه فى الاستراتيجية ولكننى مقتنع أنه يصارع لإنتزاع القرارت من المجلس. وأرى أن خطابه الثانى والذى جاء بعد لقاء إستمر لمدة خمسة ساعات مع المجلس العسكرى يجلعنى شبه متأكداً أن خروجه بقرارات التعديلات الوزارية وحركة المحافظين كانت إنتصار له وأنه فى خلال هذه الساعات لم يتطرق إلى المرشحين الجدد لأنه أمضى هذا الوقت يتناقش للحصول على القرار من المجلس.

ثالثاً: الإنتفاض بعيداً عن شرف فى الوقت الحالى يفقده من شرعيته ومن قدرته على الضغط لتحقيق الأهداف. من الواضح أن الإعتصام الحالى يؤتى بثماره وإلا لما إحتاج شرف إلى الخروج بهذين الخطابين ولا إضطر المجلس العسكرى فى إصدار بيانه الأخير.

رابعاً: حان الوقت للوقوف لحظة ومراجعة الطلبات المقدمة وما تحقق وما لم يتحقق منها:
1.     الإفراج الفورى عن جميع المدنيين المدانين فى محاكم عسكرية (لم يتحقق)
2.     إنشاء محكمة مدنية خاصة لمحاسبة رموز الفساد والمتهمين بقتل الثوار (تم تحقيقه) وإيقاف جميع الضباط المتهمين بقتل الثوار (تم تحقيقه باقى التنفيذ) وبث المحاكمات مباشرة (تم تحقيقه)
3.     إقالة وزير الداخلية وتعيين وزير داخلية مدنى وإقرار خطة علنية وجدول زمنى (لم يتم تحقيقه ولكنه جائز فى إطار التعديل الوزارى الجديد)
4.     إقالة النائب العام وعيين نائب عام يحظى بتوافق وطنى (لم يحقق)
5.     محاكمة علنية لمبارك واركان نظامه (تم تحقيقه ضمنياً إنظر 2)
6.     إلغاء اعتماد الموازنة العامة وإعداد مشروع موازنة جديدة (لم يتحقق ولكن ينظر فى إطار التعديل الوزارى الجديد)
7.     تحديد صلاحيات المجلس الأعلى وإطلاق يد رئيس الوزراء (قابل للنقاش فى ضوء التعديلات القادمة ومدى تحقيقها لمطالب الثورة)
بالإضافة إلى هذه الطلبات فإن شرف قد إلتزم بمجموعة قرارت لم تأتى فى مطالب المعتصمين:
1.     تعديل وزارى جديد فى خلال اسبوع، أطمع أن يمثل روح الثورة
2.     تغيير فى المحافظين قبل نهاية الشهر، أطمع أيضاً أن يلبى طموحات الثورة وإن كنت مازلت مقتنع بضرورة انتخاب المحافظين
3.     إقالة يحيى الجمل
بغض النظر عن مدى الإتفاق معى على ما تحقق من عدمه ومدى تحقيقه لطموحات الثورة، مطلوب فى ضوء القرارات التى صدرت من شرف والمجلس العسكرى، إعادة صياغة الطلبات وابداء الرآى فى التعديلات الوزارية وحركة المحافظين.

أخيراً أرى أن التواصل مع عصام شرف مطلوب فى هذه الفترة، إعتباره خائناً للثورة هو إخفاق فى رؤية المحرك الحقيقى للقرارات وخروجه هو خسارة لمؤيد للثورة داخل الحكومة يعمل لنفس الأهداف وإن إعترضنا على أسلوبه أو امكانياته. إستمرار الضغط هو السبيل الوحيد لمساندة مجهوداته. كما أؤيد وبشدة المجموعة التى جلست مع عصام شرف وأعادت سرد وشرح الطلبات.

No comments:

Post a Comment