October 24, 2012

لو كنت رئيس الجمهورية

لما عبد الناصر مسك البلد كانت مصر بتتحرك.. دولة عندها جهاز حكومي وجهاز مصرفي وموارد مستغلة بطريقة مظبوطة وكان عندها مفكرين وأدباء وكوادر سياسية وعلمية وإقتصادية وصناعية..  ركب عبد الناصر على هذا النظام ومع الوقت إبتدي يستنزف الموارد دي وبدأت الحركة فى البلد تبطء.. كتير من الكوادر سابت البلد والكوادر إللى فضلت طلع مكانها كوادر أقل جودة.. وبعده السادات.. كمل بنفس المنطق وحركة البلد بدأت تبطء أكتر.. والكوادر الأقل جودة أنتجت كوادر أقل جودة.. وبعدهم مبارك.. وفى زمنه الحركة كملت تبطء.. والكوادر الأقل جودة أنتجت كوادر أقل جودة..

لما مبارك إتشال كانت الحركة الموروثة من أيام الملك قد توقفت تماماً.. كل إللى فى البلد مترهل.. كل حاجة.. إصلاح البلد مش حا يتم بترميم للموجود.. إصلاح البلد محتاج تفجير كامل لمؤسسات الدولة وإعادة تشكيل كل المنظومات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية.. وتغيير كامل فى طريقة التفكير..

محمد مرسي ما عندوش لا الرؤية لإتخاذ هذه القرارات ولا القدرة على إتخاذها.. كل محاولات الترقيع مش حا تجيب نتيجة.. البلد وصلت إلى مرحلة متأخرة وفكر الإخوان إنهم ممكن يركبوا على نظام مبارك ويعملوا إللى عمله فكرة متخلفة.. مبارك جاب درفها خلاص.. سابها لنا على الأرض..

ما تقدرش إنهاردة ترفع مرتبات أو تعمل إصلاح للتعليم أو الصحة على النظام القائم حالياً.. الكلام ده كان ممكن من عشرين سنة لكن خلاص الفرصة دي ضيعها مبارك ومش متاحة للإخوان ومرسي.. ماعندهمش غير حل من إتنين: يا يعملوا إصلاح حقيقي.. يا يكملوا كده كام سنة عجاف وأخرهم حاتكون دولة على ركبها..

أنا لو مكان مرسي أعمل الآتي: 

أولاً: أتحول إلى نظام لا مركزي.. يعنى المحافظين بالإنتخاب ويتحط تحت إدارتهم التعليم والصحة والشرطة والنقل والمواصلات والإستثمار.. إلخ ويكون من صلاحيتهم تحديد ضرائب إضافية وتحديد بنود الصرف للميزانيات.. إلخ.. و كمان يكون من حقهم تمرير قوانين فى إطارات محددة يستفتى عليها من سكان المحافظة.. أيوه.. أنا بأتكلم عن لامركزية كاملة.. مش بتاعت الأفلام..
التحول إلى اللامركزية معناها إن الشعب على علاقة مباشرة بصانع القرار وأقدر على مراقبة الفساد والضغط لتحقيق أولويات كل محافظة على حدى.. وده حايخلق تنوع فى الأفكار والحلول ومنافسة بين المحافظات لجذب الإستثمارات والمشاريع والسكان.. وده كمان حايدي فرصة لتوسيع قاعدة إتخاذ القرار.. وإللى ياخد قرار يلبس نتايجه.. سكان كل محافظة قاعدين بالمرصاد للجهبذ إللى إنتخبوه..
ومن متطلبات النظام اللامركزي هو إطلاق الحرية لإنشاء النقابات والتعاونيات وتمكينها.. وإعادة صياغة قوانين العمل عشان تسمح بالمرونة فى تحديد العلاقة بناء على المفاوضات بين النقابات وأصحاب العمل..
التحول إلى اللامركزية هي الطريقة الوحيدة لإدارة الدولة فى ظل الترهل والفساد الذي أصاب كل المؤسسات.. وهى الطريقة الأمثل للتحول إلى نظام ديمقراطي حقيقي يعطي كل مجتمع الحق فى إدارة أموره بالشكل المناسب لإحتياجاته.. لأنه بصراحة ماينفعش إن واحد قاعد فى القاهرة ياخد قرارت للناس إللى عايشين فى أسوان.. إيش فهمك إنت يا هندزة؟

ثانيا: أنقل العاصمة إلى قلب الصعيد..
نقل العاصمة معناها إعادة توزيع للسكان فى البلد.. ومعناها جذب الإستثمارات إلى المنطقة التى تم إهمالها على مدار ستين سنة والنهوض بها.. وطبعاً ده أحد الحلول لتفريغ القاهرة من حجم السكان إللى فيها.. ومعناها تخطيط سليم وحاجات كده ما بنسمعش عنها غير فى الإنسيكلوبيديات..

ثالثأ: أستمثر فى شبكة المواصلات وبالذات فى القطارات الخفيفة (شبيهة المترو) لربط المناطق الصناعية والمجتمعات العمرانية الجديدة بالمناطق الأكثر كثافة سكانياً.. ويتحمل جزء من هذه التكلفة كل محافظة على حدى (زي ماقولت فوق فى أولاً لو إنت مش مركز معايا).. عشان مش منطقي إنك العاشر من رمضان تتراح كل يوم بالأتوبيس ولا العامرية وبرج العرب من إسكندرية تاخدلها ساعتين فى الطريق وهى ممكن تتراح فى تلت ساعة بقطر..

رابعاً: أحول جميع الجامعات الحكومية إلى منظمات غير ساعية للربح وغير خاضعة لإدارة وزارة التعليم ووضع نظام إنتخابي داخلي فى هذه الجامعات والحرية فى جمع التبرعات وإمكانية التعاون مع الجامعات الأجنبية.. وتحويل مراكز البحوث المختلفة إلى مؤسسات غير ساعية للربح منفصلة عن الحكومة وإلحاقها بالجامعات.. بدل ما الناس مدفونة بالحيا كده.. لازم يبقوا قادرين يتحركوا براحتهم..

خامساُ: التحول من نظام دعم السلع والخدمات إلى الدعم النقدي المباشر.. وده معناه القضاء تماماً على الكم الرهيب من السرقة والهدر والفساد بسبب دعم السلع بنفس الطريقة الفاشلة بتاعت الستين سنة إللى فاتوا وتوصيل الدعم إلى مستحقيه بحق ربنا.. وعلى فكرة الحكومة عندها 60 مليون مواطن معاهم بطاقات ذكية.. يعني لو عاوز توصلهم ما فيش مشكلة..

سادساُ: تحويل كل القطاعات اللارسمية إلى الإقتصاد الرسمي .. بحوافز أو إعافائات ضريبية أو الجن الأزرق.. بس لازم القطاع اللارسمي ده يدخل فى الإقتصاد ويكون للدولة دور فى تنميته والرقابة عليه عشان حجم التعدي على حقوق العمال فى هذا القطاع الضخم أوحش من أقسام الشرطة عندنا..

سابعاً: كنت حاخد قرار برفع الضريبة من 20% إلى 25% لمدة خمس سنين بس.. وألتزم بالقرار ده.. مش زى كل حاجة تانية فى البلد دي.. وكنت حا أحط ضريبة على الأرباح الرأسمالية للبورصة.. بدل ما أجري يمين وشمال أحاول ألبس كل شركة خازوق عشان ألم منها فلوس بالباطل.. مافيش مستثمر حا يحط مليم فى بلد ما بتحترمش قوانينها..

ثامناً: كنت حا أعمل إحلال وتجديد كامل للقضاء.. ما ينفعش إن الواحد عشان ياخد حقه فى البلد دي محتاج يقعد له خمس سنين فى المحكمة (وده بالميت).. لو القضاء ما إتصلحش مهما عملت من عجايب فى البلد عمرها ما حا تتقدم خطوة لقدام.. وإصلاح القضاء مش "قضية" صعبة (على فكرة)..

تاسعاً: كنت أكيد حامد سكة حديد لغاية السودان وأجر منهم 5 مليون فدان أستصلحهم وأركب فيهم بنية تحتية وأربطهم بالقطر بمصر.. مستعمرة مصرية صغيرة جوا السودان.. مش عيب.. دى السودان دي لو رميت بطارية موبايل على الأرض تاني يوم تلاقي شجرة نوكيا ضاربة فى الجنينة.. وتخيل حجم التوظيف والإكتفاء الذاتي والثروة الحيوانية إللى ممكن تطلع من هناك..

عاشراً: كنت أجيب أكبر شركة شحن فى الدنيا وأقولها عايز مركب توصل إيطاليا فى 6 ساعات وفرنسا فى يوم.. وأربط مينا الإسكندرية بخط سكة حديد سريع من أسوان للميناء عدل..

كل ما تتكلم مع حد من أى طبقة فى مصر تلاقيه مكتئب.. الإكتئاب بسبب فقدان الأمل مش بسبب الوضع الحالي.. الناس ماعندهاش أمل إن فى حاجة حا تتصلح.. وعندهم حق.. من ساعة ما مرسي مسك البلد ماخدش ولا قرار عشان يدينا أمل إن المشاكل بتاعتنا حاتتحل.. لو الواحد شايف الحل كمان عشرين سنة حا يستحمل.. بس لو الحل كمان ربع ساعة ومش شايفه مش ممكن حاتستحمل الربع ساعة دي.. الجماعة رايحين فى سكة غبرة لو كملوا زى ماهما كده.. مرسي ضعيف والإخوان ماعندهمش حد طلع بأى رؤية أو خطة عملية.. كل الأفكار إللى عندهم هى نفس أفكار مبارك ومشاريعه وطريقته.. ناخد قرار.. نرجع فى القرار.. ناخد قرار.. نرجع فى القرار.. إيه الهم ده.. 

وممكن تكون الأفكار بتاعتي هابلة.. بس أكيد فى ناس فى البلد دي عندهم أفكار مش هابلة.. لكن لغاية دلوقتي الإخوان مدينهم الطارشة..  الأكيد إن البلد مش حا تكمل بالطريقة دي.. ده أنا ماعنديش شك فيه..